Life Clichés (5) : An Arabic "impulsive"(sic) escape - ملجأ نبضي العربي

يا لعجب صدف الخلوة. أمضيت الأيام المنصرمة أجترّ تعابير اقتنصتها من هنا و هناك لأجد ما أعبر به عما يختلجني ويؤرقني... فلا شيء ينطق بمكنون ما يجول في دروب أفكاري اللامتناهية... أمضي لياليَ وأنا منهمكة في التفكير في تفكيري، لا أحمل همّ المستقبل و المآل كما كنت معتادة، فذاك أمر مفروغ منه. كما أنه من الحمق أن يأتي التمني على بضع سويعات الراحة التي نستعين بها على نهارنا، لم أجد ألبق من هذا لوصف أحلام اليقظة. 
وكما قلت، أعود لتفكيري، فهلا أجبت نفسي، بم أفكر ؟ ما أدواتي أو أداتي ؟ عقلي أم بقلبي "وفيض الوهم قد طفح على أنحاء القلب"؟ وما البصيرة ؟ و ما الفرق إن كانت أدوات موسمية ؟ وما الفرق على أي حال إن عجزت على البوح بما يجول في خاطري. لا أعني أنني أفرض قيودا صارمة على أفكاري، أو أجعل على جوارحي وصاية عليا تمنع و تسمح... ما أعنيه هو ذلك الحجاب الرفيع الذي يحول دوننا وما نعني و نود قوله.

"تمكّن منّي السّقم حتّى كأنّي *** توهّم معنى في خفيّ سؤال"


الكلام... تلك هي وسيلتنا الأولى لإيضاح المعاني، و ليس صعبا انتقاء الكلمات، بقدر تحديد المعنى واستعداده للتعبير عن أفكارنا. وما جدوى التعبير والخوض في المعاني ؟ ما حاجتنا بالإفصاح عن الكلام؟ أتلك حاجة أهم من الإقتيات والتنفس كما "يفصح" البعض ؟ الكلام لإيضاح شيء، أي شيء، دون حرمة ولا احترام للكلمات. كلاما يكون مرآة للمعاني التي يفيض بها كنهنا، فكل إناء بما فيه ينضح، فما بالنا نجعلها أخس ما يصدر عنا، ونشرع في إصدار أحكام جائرة، وتصدير أفكارنا السطحية للغير؟ لا أتهم أحدا ولا أمقته، فقط أرصّ ما يدور حولي. عصري لا يخلو من منابر التعبير، تلبيةً لحاجة الإنسان العريقة في الكلام والإعلام...
لا أنكر تروقني بعض التعاطيات الفارغة لأن في طياتها نيات بهية و حسنة، باختصار شظايا ذات إنسانية طيبة، تتجلى في نفحات تدفع بي إلى البدار والإصرار. 

" إلى كم ذا التخلف والتواني***وكم هذا التمادي في التمادي
وشغلُ النفس عن طلب المعاني***ببيع الشّعر في سوق الكساد
- المتنبي.

ومجمل كلامي بدوري: كيف سهل لدى البعض التعبير عن أي شيء؟ لا أرمي ملكة الكتابة الخارقة، بل سخافة ما ترسمه أقلامهم،لا أرمي  الكم مرة أخرى، بل الكيف والغاية.
علي أي، كل رأي يحتمل الخطأ أو الصواب، أو هما معا؟! والإنتقاء ولو أعان على الإتّقاء فليس بعاصم مما لا محالة عنه. نتعلم من أخطائنا ومن عثراتنا إذن، ولا نستفيد مما نشهد أمامنا؟ وكان الأولى الإتعاظ والتنبه... أستحضر ما مجمله أن السعيد من اتعظ بغيره والشقي من اتعظ بنفسه، فهلا انتظرنا أن يعثر الكل نفس العثرة، فنكون وبني جنسنا أشقى مَن على البسيطة؟
ليس لتفاهاتي حد، أسير بين تناقضاتي ولاأفتخر بخياناتي لها بل أستمتع بالعدو بينها واختلاق مكان تنمحي فيه حدود المعقول و اللامعقول، بعيدا عن أسر الثنائيات العقلية. لن يسلّم بهذه اللذة إلا من قضى عمره متنزها وجائلا في ميدان فكره دون قيود، وما الضير؟ لأن يضيع منك وقت حاولت خلاله التعرف لبواطنك ودواخلك خير من أن يضيع في التمنّي..ضرورةً للزوم "الحجّ العقليّ إذا ضاق الفضاء عن الحجّ الشّرعيّ."

وختاما، إعتد على كون المعاني أقدس من أن يفصح عنها، والكلام مجرد وسيلة تتوسط بيننا وبين الآخرين في حال استعصى التوصل للمعاني. كما كتب أبو حيان التوحيدي : " ولا تعشق اللفظ دون المعنى، ولاتهوالمعنى دون اللفظ"، إبتدأ بالمعنى، فتمعّن. وليكن "المعنى المقوّم أحبّ إليك من المال المكوّم".

أخط حروف موعظتي وأدرك أنني أولى المتهمين، وأُسلّم خائبةً بفشلها في ردعي و جزري عن الكتابة. 

٢٠١٦ / أبريل 





Comments

Popular Posts

Bits of wisdom ..

Bits of wisdom ..


"Break a vase, and the love that reassembles the fragments is stronger than that love which took its symmetry for granted when it was whole."— Derek Walcott